الخميس، 30 مارس 2017

الموت بدايه للحياه


النَّص دايماً أوله حالة سكون
والموت أكيد كان أوله
دايما بدايه للحياه
طبع العدم مبيختلفش كتير
في توصيف الوجود
طبع الوجود بيميل لتفسير العدم
الذنب مش دافع لتأنيب الضمير
عند اللي متعودش إحساس الندم
والمخطوفين للنور عمى ..
والمنهكين بالحلم أصحاب الوجع
والمدفوعين في الزحمه ناسيين الطريق
أول ما بتضيع الخطاوي للنهايه
بيفضلوا ماشين غلط
علشان كدا .. ما بيرجعوش
كل اللي ماتوا مـ الزهق متأخرين
كل اللي ماتوا مـ المرض مستعجلين
كل اللي ماتوا فوق سرير العمر رغماً
ماكتفوش!
الموت حياه ..
للعاشقين من غير أمل
للراغبين في الاتحاد
للمغرمين بالشعر عشاق الغزل
الموت حياه ..
للمؤمنين الطالبين عفو الإله
للأنبيا بعد انقطاع الوحي وبلوغ الهدف
للمحبوسين في البحر ضالين الطريق
لابن الشهيد اللي اتحرم من عطف ابوه
للسجانين ..
ساعة ما بيشوفوا السجين
مرفوعه إيه بالدعا !
القبر أول بيت ملوش سقف وحيطان
النعش أول رحلة من غير تذكره
جلد الكفن ..
أول غطا للعريانين!
الفقر ما بيدخلش قبر .. ولا الغنى
الجوع موازي للشبع
الطين دليل ..
على إن آدم لما وسوسله الشيطان
الجنه كات عـ الأرض مش فوق السما
قلبي هما ..
والخطوه للمعشوق سفر
قلبي كما كاس انكسر
والروح نبيذ مـ السكر سالت في التراب
هذا التراب
بيشق للورد السبيل
بيمد للصبار بلاد
الشوك سبب كافي لتسريع الخطى
الخوف سبب كافي لتقديم الميعاد
والمنتظر .. مهما بيتأخر عليك
مايبدلوش الانتظار
وأنا قلبي طار
عصفور وشارد في الوجع ملهوش مطار
جايز يكون الحزن للعصفور براح
جايز يكون السر مربوط في الجناح
جايز عشان ملهومش ضل!
جايز عشان رغم انه طير
مقدرش يشهد ربنا
جايز عشان مفضلش شيء مني أنا
الموت حياه ..
خافوا من العمر الطويل
علشان بيدينا مساحة للغلط
خافوا الكفوف ..
خافوا الدفوف ..
خافوا من الحرية في غياب الضمير
خافوا الحروف ..
خافوا الصُدف ..
وماترهبوش الموت كدا
الموت شرف!
الموت حقيقه منكره
زي الحياه
حتى الحياه عند اللي ماتوا
كات مجرد حلم بايخ
وابتدى قبل اما نن العين ينام
وانتهى .. والرمش لسه بيرتجف
كل الحكاوي المفرطه في الاحتمال
كل النهايات السعيده في القصص
كل اللي عاشوا في التفاصيل البعيده .. مثلوا
كل اللي كان في المتن
كان كومبارس فاشل في الأداء
حتى البطل ساب المشاهد كلها
رهن الخيال
كل اللي في الكواليس عبيد
لخيال مريض
خالف أصول الحكمه
واختار القدر للحاضرين
كل اللي عاشوا العقده لما استسلموا للافتعال
دفعوا تمن دم الهزيمه المنكره
من غير فصال!
مرايات كتير
ملهاش حقوق في الاختيار
بيصبها احساس بالملل
من كتر تكرار الوشوش
ووشوش كتير
بهتانه من كتر الفشل
مهما الزمن يضحكلهم
ما بيضحكوش
الموت بدايه للحياه
والموت نهايه مستحيله للأمل
فعشان كدا .. متجربوش!

الأحد، 26 مارس 2017

أو هكذا قالوا

ولدٌ صَغيرُ القَلبِ
يَكتبُ ما يَحبُّ على الرَّغيفْ
فيقولُ حَسْبَ روايةٍ عن والدَيه وعن أخيهْ
"الموتُ أسْودُ مثل وَجهِكَ يا صَباحُ
فهل أصدُّك والنهايةُ عند بابِكَ والهلاكُ المستَقَرْ
أنا رائحٌ لله وحدي
ليس في جَيبي سوى قَدَري وأنتَ
وأنتَ لستَ أنا، ولستَ!
فلا أُقرُّ بما أحبُّ أمام مَوتي فانتَظرْ
وانظُر هُناكَ ... فلا أُطيقُكَ
وانتَظِرْ حظِّي معي
غَدُنا الذي ضَيعتَه في الخَبز أولى بالهلاكْ
فأنا أراكَ ..
ودمعُ أميَ حينَ يَخلَصُ ما تَبقَّى من دَقيقٍ لا يراكْ!
فلأي أسبابٍ أطهرُ معدتي؟!
وحبيبتي ..
بنتُ الخَيالِ تَعضُّ غَيركَ
والموائدُ حينَ تَكثُرُ ..
فاعلِمِ الخبَّاز إنَّ الأهل عنكَ تَفرَّقوا
غَدُنا الذي بين القَطِيفةِ والقَذيفةِ
ليسَ أنعمَ رقدةً من فُرنِ طَهوِكَ
ربَّما عظمي أحنُّ على الهلاكِ منَ ارتِطامكَ في فَمي
أو ربّما لو كُنتُ خَبزًا في فَمِ السُّلطانِ
يَشبع من دَمي
ويَغضّ طَرفَ الموتِ عن أهلي ويرضى"

قال لي عمُّ الغلام مفسرًا:
كان الصَغيرُ مقاومًا
ولديهِ عَادتُهُ المخيفةِ في اقتناءِ الموتِ كلَّ رَغيفِ خُبزْ
ولديهِ ظنٌ أنَّ بعضَ الخُبزِ مَصنوعٌ على شَررِ القَنابلِ
بل يَظنُّ بأنَّ خَبَّازَ العَجينِ مُدربٌ جدًا على التَّعذيبِ
واختارَ التَّقاعدَ عنْ قِتالِ عَدوِّهِ
والجُبنُ يُنقصِ في احتدامِ الحَربِ منْ شَرَفِ المقَاتلِ

قال لي بيتُ الغُلامِ بأنَّ:
قبلَ القَصفِ ودَّعني
وقبَّلني وقال: غدًا
سَيحمِلُني دَمي كسَريرِ وَردٍ للنِّهايةِ
خَارجي .. أو دَاخلي
وأَطُولُ سَقفَكَ أو تَطولَ عِظَامَ صَدريَ
أو تُسلِّم ما تبقَّى منْ حِجَارتِكَ العَتيقةِ
-في هُدوءِ الحَربِ- رُوحيَ للرَّمادِ
فإنَّ هذا القَبرُ أدفأُ ..
والحَصيرةُ عندَ بابِ الله أوسَعُ منْ حَصيرَتِنا
سَأهدَأُ يا حُطام البيتِ .. أهدَأُ
أو أنامُ بلا حِسابٍ للمواعِيدِ الممِلَّةِ
فالمدَارسُ سَوفَ تُغلِقُ بَابها
والوَاجباتُ المدرسيةُ ربَّما سَتكونُ عندَ الله أسهَلَ
ربّما في القَبرِ متّسعٌ لما أهوَى
فقَبّلني جِدار َالبيتِ .. سَقفَ البيتِ قَبّلني
وقَبّلْ جَبهتي بحَرارةِ البَارودِ
مِثلِيَ مثل أيِّ مُسافرٍ أو نَازحٍ
قَرَّرتُ مِثلَك -دونَ تَفكيرٍ
بأنْ سَأمُوتُ وَحدِيَ!

عنْ تَميمَتِهِ وإنْ شِئتم فقُولوا عنْ يَتيمَتِه، تَقولُ بأنَّهُ :
"كمْ كانَ يَصمُتُ في حُضورِي
خَائِفًا قَلقًا عَليَّ منَ الحَياةْ
في مَرةٍ خَجلًا يقولُ روايةً عنْ حُلمِهِ:
غَدُنَا جَميلُ الحزنِ ..
مُرٌ كالقَصيدةِ .. مُسكرٌ كنشيدِ أمِّي
رُبما لُعَبُ الصِّغارِ إذا نَجَتْ
كَبُرَتْ لتَأخُذَ ثَأرَنا
فلدَيَّ طَائرةٌ تَرُشُّ الوَردَ فوقَ حَصِيرتي
ولديَّ قُنبلةٌ تُحاكي مِزهريةَ جَدَّتي
وخَزينةٌ يَدويَّةُ التصنِيعِ
أملأها منَ "المصرُوفِ" تَكفي
بعد أعوَامٍ لتَسليحِ الحِجَارةِ بالحَريرْ
غَدُنَا الممرّغُ بالرَّحيلِ مُزركَشٌ
كعَبايَةٍ عَربيةٍ
نُسِجَتْ لتُشبِهَ ما تبقّى منْ رَمادِ المسجدِ الأمويِّ في بَغدادَ
يُشبِهُ ثَلجَ بَيروتَ المعتَّقِ
في اصفِرار الأرض منْ حَولي وحَولِكِ
رُبَّما غَدُنا يُشابِهنا كثيرًا
ليس يُشبِهنا سوى غَدُنَا!!
فهل سَنقُولُ عندَ الله كان الوردُ أسودَ
والسَّماءُ قَميصُها أعمَى .. فأعمى؟!
هل سَيقبلُ حُجَّتي ويَرُدّني حَيًا
إلى بَلَدٍ سوى بلدي
وفي قَدَرٍ سوى قَدَري
يُغيِّر كلّ شيء في ملامِحنا
ويترك لي رُفاتَ أبي
ومَحبَرتي .. ومنْ أهوى
ويَترك لي بِطاقةَ مَوتي الخَضراءْ
ويَترُكني بلا اسمٍ فلا أغترّ بالأسماءْ
ويجعَلني بلا زمنٍ فقد لا أحسِبَ الزَّمنَ
ويَجمع منْ رَمادِ الأرض والتاريخ
قَطْرَ الحُبِّ ..
أَخبِزَ لي بِهِ وَطَنَا