الأربعاء، 15 يونيو 2016

سِدرةُ الحُسْن


وتلكَ التي تَستَحيلُ خَيالاً
فتَرجعُ ليناً ، وتُقْبِلُ مَرْقَا
تُطلُّ من الأفْقِ أُخرى وأخرى
فلا عِلمَ لي أيّ أينٍ أراها
فأُمعِنُ شَوقا!
متى لوَّحَ القلبُ : يا أنتِ ؟
قصَّتْ على مَلمَسِ السَّمعِ عَيناً فأشقى
وتَقدَحُ قلبي بزيتِ الغرامِ
فيَبرأُ حَرقَا
ولما خَلوتُ
ونَاجيتُ منها أثيراً شَفيفاً
تلألأَ في مُقبِلِ العينِ
تَخبو منَ الصَّوبِ نفسي وترقى
وتُرخي سِتَاراً
وفي حَزوِها خِلتُ وجهاً ورائي أمامي
وفي البَين يَذهبُ حيناً ويبقى
وأدنو إلى سِدرةِ الحُسنِ منها
فأرفُضُ عِتقاً ، وأطلبُ عِتقا
وحين امتَزجتُ بها
جُزتُ حسِّي إليها
وأمليتُ بَوحي لينطقَ شعراً
فيَخرسُ نُطقا
وأعرجُ للخدر سِتِّين عشقاً
فأزداد توقاً

ولمَّا مَررتُ لأخرِقَ ما بيننا
فرَّقَتْ ما زاد عنها مِنَ الحُسنِ حَولي
لأخلُصَ منْ حُلَّةِ الخَرقِ خَلقا
تعتَّقتُ حسناً لها في ثيابي لأصبحَ أنقى
ولمَّا حَضرتُ إلى أيكةِ الحُسنِ
طَوَّفتُ غَزلي برشفةِ سُكرٍ
وعطَّرتُ نفسي بأنفَاسِها
وأومَضْتُ بَرقَا
وكانت كما الله زكَّى
فلما أزحتُ الحريرَ عن الخدر
قالت : أحبُّكَ أتقى
فقلتُ ، وروحي تُلبِّي مفاتنها : الله!
قالتْ : بقلبكَ يا سيِّدَ العشقِ رِفقَا
ومدَّتْ يَديها إلى شُرفَةِ الصَّدرِ
حلَّتْ ضُلوعي ، هُويناً هُويناً
ووشوشَتِ القلبَ تهمِسُ عشقاً
وقالتْ : تدللْ
وضُمَّ إليك أنـاي بعيداً
فعروةُ روحي بروحكَ وُثْقَى
مَرَجنَا ...
وغشَّتْ ضلوعي بمَوجٍ
فكانت عليها من الجزر غرقى
تَنفَّستُها ...
ووليتُ روحي إليها
فلمَّا أفَقْتُ منَ الخُلد فيها
أُساق إلى جنَّةِ الخُلدِ سَوقا
لننسابَ سحراً على السحر
حتى لنهرقَ في العمر حبسَاً ودَفقا
كأنَّـا فناءانِ في الخلد
نفنى لنبقى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق