الثلاثاء، 14 يونيو 2016

القِصَّةُ الأُولَى

وتلكَ القِصَّةُ الأُولى ..
حكايةُ هذه الأرضِ التي بَدأَتْ
كطفلٍ لم يَزلْ مستكشِفاً لبُلوغِهِ
فالأرضُ في شَهواتها الأولى
تُقبِّلُ رأسَ فَلاحٍ يُعطِّر وجهها بالفأسِ
تلكَ الأرضُ في سِنِّ البلوغِ تُحبُّ إيقاعَ السَّماءِ
وفي الصَّباحِ تُحبُّ رقدَتَها أمامَ الشَّمسِ
تلك الأرضُ شَابتْ عندما سَمَحتْ لآدمَ بانتعالِ تُرابها
مُذْ عَكَّر الإنسانُ نشوَتها
ودسَّ لها دَماً في الكأسِ

تلك القِصَّةُ الأولى بِدَايتنا
لنا القُربانُ في القَتْلى
وأوجاعٌ يُدونها كتابُ الحزنِ كلَّ مساءْ
لنا في لونِهِ فَزَعٌ
فقد كانَ الدَّمُ البَشَريُّ سَاعتَها
كقَطْرِ سَحابةٍ بَيضَاءْ
وكنتُ هنا بلا مأوى
كطيرٍ لا يُواري الدمعُ سوأَتَهُ
أَسِيرُ على دمٍ لُجِّيْ
وشيطانٌ يَلومُ الله في خَلقي
وربِّي مُمسكٌ بيدَيْ

وتلك القِصَّةُ الأولى ..
هُنَا رَحَلَتْ ..
ولم تَتركْ على الميناءِ لي وَطناً
يُصاحِبُني لبابِ البيتِْ
لم تَتركْ على المرآة قُبلَتها
ولم تتركْ على الأهدابِ نشوَتها
ولم تتركْ يَداً نبويةَ الإعجازِ تُحيي الميْتْ!
حروفي في خراب الأرضِ أزرَعُها فتُنبِتُ شَوكَها للنَّاسْ
حروفي من بَلادةِ مَن لها وطِؤوا ترابَ الشِّعر لا تَجرَحْ
ولي أثرٌ بوجهِ الماءِ كانَ لصيحةٍ في الحُزنِ
قدْ ذَهَبتْ ، ولم تَبْرَحْ
هُنا قَلبٌ يُساومُ فَرحَةً بالبُؤسِ
هل يَفرَحْ ؟!
أنا والغَيرةُ الحَمقاءُ للشَّيطانِ
أبطالٌ لتلكَ القصةِ الأولى
وهذي الأرضُ كانتْ مَشهدَ العِصيانِ والمسْرَحْ
وهذي الأرض كانتْ لي
ومعصِيَتي التي بَدَأتْ لتجمَعَنا على التِّرحالْ
نَموتُ لربَّما نحيا بهذا الموتِ كالأطفَالْ
لنَا ربٌّ يُعلِّمُنا كتابَ الحبِّ والصَّلَواتْ
لنَا وطنٌ يُقاسِمُنا رغيفَ الذُّلِ والدَّمْعَاتْ
لنَا حُلمٌ يُحبُّ الحبْو
لا يَصحُو لغيرِ هَزيمةٍ وسُبَاتْ
وتلك القصةُ الأولى نِهايَتُنا
كزَوبَعةٍ تُراقصُ في رَمادِ الأرضِ تَاريخاً من القَتلى
هُنا طوفانُ أحزَانٍ قَضى وَتَراً من الأيَّامِ
لم تَعبَأْ ..
وغِيضَ الدَّمعُ واحتَبَسَ الدَّمُ البَاقي
فلمْ تَلِدْ الحَياةُ لنا سِوى قصصٍ
تَموتُ وحُزنُها يُتلَى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق